الحكومة تنفض يدها من ملف التشغيل و البطالون مدعوون للبحث عن مناصب العمل بأنفسهم

الحكومة تنفض يدها من ملف التشغيل و البطالون مدعوون للبحث عن مناصب العمل بأنفسهم
منذ شهر فبراير الماضي لم يعد هناك ما يضطر عارضي العمل لاستعمال الحق في التوظيف دون الاستعانة
بالإجراءات التي كانت تفرضها الوكالات المحلية للتشغيل، من التزام بالدور وأقدمية التسجيل. هذا ما حملته
تعليمة صادرة عن مكتب الوزير الأول تحمل رقم 01 والمؤرخة في 03 فبراير 2014، تأمر فيها وزير العمل بالعمل
على إضفاء المرونة على إجراءات الوساطة في سوق العمل.
حسبما جاء في التعليمة التي أرسلت للتنفيذ على مستوى كل وكالات التشغيل على المستوى الوطني، فإن دور هذه الأخيرة بات مقتصرا فقط على الوساطة بين العارض والطالب فقط، والتي بات يستجوب عليها فقط تبليغ المستخدم برخصة القيام بالتوظيف المباشر في حال عجزها عن تلبية الطلب كليا أو جزئيا، فيما عدا ذلك فالمستخدم أصبحت له الحرية الكاملة في التوظيف شريطة أن يعلم الوكالة بعمليات التوظيف، قصد تمكين هذه الأخيرة من تسجيل طالب العمل إن لم يكن مسجلا أصلا، وشطبه من بطاقية طالبي العمل إن كان مسجلا، وتسليمه في المقابل بطاقة تقديمية للتسوية التي تعادل تنصيب صاحب العمل.
كما حذرت التعليمة الموقعة من قبل الوزير الأول عبد المالك سلال الهيئات المستخدمة من مغبة عدم إعلام الوكالة بعمليات التوظيف التي تتم بعنوان العرض الذي لم تتم تلبيته، فإن ذلك حسبما جاء فيها يعرض هذه الهيئة للعقوبات المنصوص عليها في تشريع العمل، ما يعني أن طالب العمل ملزم فقط بتحصيل وثيقة تسمى استمارة البحث الفعال ويقوم بنفسه بالتفتيش عن منصب العمل، ويصبح مستفيدا من منصب عمل في حال حصوله على الموافقة الفعلية من هذه المؤسسة أو تلك، إلا أن ما يؤخذ على هذه التعليمة التي دخلت حيز التطبيق منذ شهر فبراير الماضي، هو نقل احتكار التحكم في سوق الشغل من الوكالات المحلية التي كانت على الأقل تتمتع بالكثير من الشفافية في احترام مبدأ التقدمية في التسجيل واحترام الدور ونشر قوائم المستفيدين على الملأ، إلى ممارسات أفظع باعتبار أن الهيئات المستخدمة باتت تستعمل هذا التفويض كسلاح لتكريس ممارسات أقلها إخفاء العروض المتوفرة والتأشير بالموافقة على هذا أو ذاك وفق الأمزجة والرغبات، وهو ما من شأنه فتح المجال واسعا لـ ”المعريفة” والمحسوبية.
وقرأت أوساط أخرى مضمون هذه التعليمية التي وصفتها بأنها تحمل طابع الارتجال، باعتبار أن الحكومة تكون بذلك تراجعت عن قرارها بضبط هذا الملف وتقنينه، أو هو محاولة لنفض يديها من الملف برمته وتحويل الوكالات بذلك إلى مجرد مكاتب للعبور كما كان ساريا العمل بها سنوات الثمانينات وبداية التسعينات، ووضع هذا الملف في أيدي مختلف الهيئات وفق الأمزجة والممارسات المنتهجة من قبل.
في سياق متصل، فإن الصيغة الجديدة المتعلقة بما يسمى البحث النشط عن الشغل ينبغي حسب ذات التعليمة أن تعمم عبر كل هياكل الوكالة الوطنية للتشغيل على مستوى كامل التراب الوطني، باستثناء ولايات الجنوب الـ10 التي تحظى هي الأخرى بترتيبات خاصة. وبالرغم من أن التعليمة ركزت على ضرورة تعزيز مبدأ الشفافية في تسيير سوق العمل، كما ألحت على إجبارية نشر عروض العمل وطالبي العمل على مستوى كل الوكالات على موقع الإنترنت الخاص بهذه الأخيرة، إلا أنها لم تتوان في منح حرية التوظيف لمختلف الهيئات المستخدمة عبر استمارة وموافقة فقط، الأمر الذي يجعل من مبدأ الشفافية شعارا أجوف ليس إلا.

المصدر