كيف تجعل الوظيفة تبحث عنك؟
هل سمعت يوما ما أن لاعب كرة قدم محترفا عرض نفسه على أحد الأندية يطلب اللعب في الفريق كمهاجم؟ أو هل قام أحد المشاهير بعرض نفسه على إحدى الشركات الإعلانية ليطلب الحصول على عقد إعلاني؟ أو تقدم ممثل عالمي لإحدى شركات الإنتاج يطلب أن يكون بطلا لفلم سينمائي يحصل مقابله على عشرات الملايين من الدولارات؟ قد يحدث ذلك استثناءي لكن المألوف أن تقوم الشركات والأندية بعرض عقود العمل على هؤلاء المشاهير، طبعاً هذا ليس مقصورا على مشاهير الرياضة والفن بل الكثير من المديرين التنفيذيين وحاملي التخصصات المختلفة تعرض عليهم الوظائف من قبل شركات ترغب في كسبهم وضمهم إلى فرق العمل لديها. ألم تسمع عن تسابق البنوك المحلية على بعض الكفاءات في مجال إدارة المحافظ الاستثمارية أو تسابق شركات الاتصالات على بعض الكفاءات في مجال تقنية المعلومات وتسابق القنوات الرياضية على المعلقين والمذيعين وتسابق الصحف المحلية على الكتاب؟
كل هذه الوظائف ذهبت تبحث عن أصحابها حاملة معها كل المغريات المادية والعنوية لطلب ودهم ورضاهم للقبول بالعروض المقدمة لهم، فما السر يا ترى الذي يجعل الوظيفة تبحث عن صاحبها وليس العكس؟ السر بسيط وصعب في نفس الوقت لكن ليس بمستحيل فالكل يمكنه العمل به، هؤلاء الناس لديهم فلسفة بسيطة في الحياة هي اعمل بجد واجتهاد ومثابرة أي اعمل بأفضل ما لديك من مهارة ودع النتائج تتحدث عن عملك، فهم لا يتكلمون عن أنفسهم كثيرا وإذا تكلموا فبتواضع جم لأنهم يعلمون أن لديهم ما يكفيهم حمل هذا العناء ألا وهو نتائج أعمالهم.
مهما واجهت من مصاعب سواء كانت ظروف عمل لا تناسبك أو أجرا غير عادل أو رئيسا غير منصف أو زملاء عمل غير ودودين لا تيأس استمر في تقديم أقصى ما تملك من معرفة، لا تبخل على من بخل عليك ولا تعاقب من لم ينصفك، بالعمل بأقل قدر ممكن كوسيلة للنيل ممن أساء إليك فأنت في واقع الأمر لن تضرهم بقدر الضرر الذي يقع عليك لأنك من غير ما تشعر تحطم مواهبك وقدراتك، فبدلا من أن تقوم بتنميتها وتطويرها مستفيدا من محيط العمل كحقل للتعلم والتدريب على رأس العمل ظللت تشتت تفكيرك وتركيزك بمقاومة تنفيذ كثير من الواجبات التي كلفت بها لعدم قناعتك بالعائد الناتج عنها أو الأسلوب الذي تعامل به، لذلك كن على ثقة بأنه سوف يأتي اليوم الذي تحصل فيه على الوظيفة المناسبة ذات الأجر العادل ولكن لا تستبق الأمور بوضع الشروط فمن لم يقدم إنجازا يحسب له لا يستطع أن يفرض شروطاً.
ما أقوله ليس كلاما نظريا لا طائل منه فالوقائع والمشاهد تؤكده كل يوم من حولنا ولكن حالات الإحباط والغضب من الواقع المعاش قد تصرفنا عن ملاحظة وفهم الأحداث التي تقع أمامنا. ألم نر أو نقرأ عن نماذج من البشر أشرنا إلى بعض منها في المقدمة وكيف انهالت عليهم العقود ولكن متى؟ ألم يكن ذلك بعد أن حققوا إنجازا أو عملاً نال تقدير الجميع؟ إذا هؤلاء ليسوا مخلوقات لديها قدرات خارقة اختصوا بها دون بقية الناس فما يميزهم في الغالب هو طريقة التفكير بإيجابية في نظرتهم للأمور لا العقل لأننا متساوون في ذلك إلا من بعض الفوارق التي لا تمنعنا من أن نكون ناجحين في مجال لا يتفق مع قدراتنا ومواهبنا.