المقاربـــة بالكفاءات
=============
الفهرس :
أولا : المدخل
ثانيا : متطلبات الكفاءة
ثالثا : مراحل الكفاءة
رابعا : مركبات الكفاءة
خامسا : مميزات الكفاءة
سادسا: تقويم الكفاءة
سابعا: وسيلة التقويم
ثامنا : الخاتمة
أولا : المدخل
لقد أصبح التعليم صناعة كبرى في جميع لأنحاء العالم و لقد أصبحت للكفاءة التعليمية أهمية كبرى بالنسبة للدول الكبرى و أصبح مصطلح الكفاءات متداولا في مجال التربية , و فرضت المقاربة بالكفاءات نفسها في كل الميادين , و اعتمدتها البلدان المتقدمة في أنضمتها التربوية.
و لا تقتصر أهمية هذه المقاربة على المجال التربوي فحسب بل له إنعكاسات مباشرة على الأفراد في عالم الشغل بمختلف أبعاده ( الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية …….) . لأن التكوين في عصرنا لا يقتصر على المنظومة التربوية وحدها بل تقوم به أيضا مؤسسات تكوينية أخرى خارج النظام التربوي .
إذا كان الإهتمام إلى عهد قريب منصبا على تحسين المضامين و تكوين المعلمين في الجانب المعرفي لتلقين التلميذ جملة من المعارف و عليه أن يستظهرها عندما يقتضي الأمر ذلك إذن ما جدوى تغيير البرامج الدراسية , مالم يكن من أجل تمكين المزيد من اتلاميذ من بناء كفاءات و معارف أوسع , ثابتة , وجيهة , قابلة التجنيد في الحياة العامة وميدان العمل ثم طبقت خلال منتصف التسعينات بيداغوجية الأهداف ( المقاربة بالأهداف ). و أصبح العمل التربوي أكثر دقة من حيث تخطيطه وآدائه إلا أن هذه المقاربة على نجاعتها لم تهتم بالأهداف لوحدة متكاملة إذ ينشغل المعلم بتحقيق الأهداف مجزأة غير مترابطة ( متقاطعة) مع محاولة تعديل سلوك التلميذ و مهما قيل من إنتقادات تربوية لهذه المقاربة فهي ضرورية في نظرنا لبناء المقاربة الجديدة (المقاربة بالكفاءات) لأن الأهداف الجزئية للدرس قد تشكل حدذاتها كفاءات قاعدية أو مؤشرات كفاءة إذا كانت قابلة للملاحظة و القياس و لن تصاغ إلا كذالك .
و بطبيعة الحال و مادام النظام التربوي العالمي في تطور سريع فعلى القائمين على رعاية شؤون القطاع البحث عن كيفية تحديث الطرائق و المناهج لمواكبة العولمة التربوية و مسايرة العصر فكان إن تم إعتماد ( المقاربة بالكفاءات ) و ممارسة التعليم و التعلم و انتقـاء ( الطريقة البنائية ) و جعل المتعلم يكتشف و يبحث و يكتسب بوضعه أمام مشاكل ( نشاطات تربوية ) محيرة فيقوده تفكيره و إجتهاده أمام أعين و توجيهات معلمه إلى الحل و بإمكانه فعل ذلك بعيدا عن المؤسسة التربوية .
- المقاربة بالكفاءات :
أسلوب تعليمي ظهر في أوربا حوالي سنة 1468م طبقته الولايات المتحدة الأمريكية لتطوير جيوشها ثم إنتقلت هذه المقاربة بصفة فعلية إلى المؤسسات التعليمية الأمريكية بدءا من سنة 1960م ثم إلى بلجيكا عام 1993م و تونس عام1999………
- المقاربـــة:
تصور مستقبلي لفعل قابل للتنفيذ وفق مرامي وخطط منسجمة مع الشروط و العوامل الضرورية اللازمة للأداء ( الكفاءات المستهدفـة, الطرئق, الوسائل, الوسط التربوي …………) و هذا كله لتحقيق المردود المرتقب .
- الكـفـــاءة :
تعريفات الكفاءة عديدة وتتجاوز الـ ( 100 ) تعريف و نذكر منها مايلي :
هي مجموعة التصرفات الإجتماعية الوجدانية و المهارات المعرفية أو المهارات الحس حركية التي تمكن من ممارسة دورة وظيفية , نشاط , مهمة أو عمل معقد على أكمل وجه ( تعريف دينو)، أما ديكاتل قد أعطاها تعريفا آخر لا يكاد يختلف عن سابقيه حيث عرفها بأنها : مجموعة من المعارف و من القدرات الدائمة من المهارات المكتسبة عن طريق إستيعاب معارف وجيهة و خبرات مرتبطة في مجال معين .
ثانيا : متطلبات الكفاءة
تتطلب الكفاءة جملة من القدرات و المعارف و المهارات ذات العلاقة غير أن الكفاءة لا ترتبط أبدا بالمعرفة بل ترتبط بمكتسبات قابلة للقياس و الملاحظة و الكفاءة مفهوم عام يشمل القدرة على استعمال المهارات والمعارف في وضعيات جديدة ضمن حقل مهني معين فهي بالتالي تشمل التنظيم و التخطيط للعمل و التجديد و القدرة على التكيف مع نشاطات جديدة، وتشكل المعارف و المهارات و القدرات الأساسية لبناء الكفاءة عند المتمدرس .
ثالثا : مراحل الكفاءة
تتحقق الكفاءة على مراحل معينة و هي كالتالي :
* الكفاءة القاعدية : ترتبط مباشرة بوحدة تعليمية من خلال ما يتحقق في حصة (نشاط) أو في عدد من الحصص إذا كان الدرس مشكلا من مجموعة من الوحدات (المحاور)غير أنه إذا كانت الحصة الواحدة هي الدرس بذاتها قد تصبح عنذئد مؤشرات الكفاءة و المعايير هي (الكفاءة القاعدية).
* الكفاءة المرحلية : كفاءة نسبية يكتسبها المتعلم خلال فترة معينة مضبوطة بزمن محدد (شهر- ثلاثي – سداسي)
* الكفاءة الحتامية : تلاحظ وتقاس بعد مرحلة تعليمية معينة( الطور الأول – المرحلة الابتدائية – المرحلة الأساسية بجميع أطوالخارجون عن القانون.
* الكفاءة الحتامية المندمجة : كفاءات متعددة مكتسبة في مجالات متنوعة سواء كان ذلك في مواضيع مادة واحدة (نشاط) أو في مواد دراسة مختلفة عناصرها متفاعلة منسجمة في نهاية مستوى طور تعليمي .
* الكفاءة المجالية : مجموعة الكفاءة القاعدية المحققة في مجال ما (مجال العبادات) ، (مجال المعرفة)،…..
* الكفاءة المنهجية : كفاءة يظهر من خلالها المتعلم كل مكتسباته المتعلقة بالتخطيط ووضع الطرائق و الأساليب في مجال ما أو في موضوع معين .
* الكفاءة العرضية المستعرضة : كفاءة مشتركة تكسب بعد التعليم في كل المواد الدراسية و تشمل كل النشاطات التربوية تتحول فيما بينها خلال مرحلة التعليم و التعلم لتكمل بعضها البعض وتتطور خلال المسار لتشكل فيما بعد كفاءات جديدة أكثر تطوراً تعتمد عليها كفاءات أخرى متقاطعة و هناك كفاءات أخرى نذكر منها الكفاءة الشخصية الكفاءة المهنية….
رابعا : مركبات الكفاءة
1- القدرة : هي أشكال من الذكاء وفق استعدادات فطرية و مكتسبات حاصلة في محيط معينة ومميزاتها :
أ- استعراضية : قابلة للتوظيف في موارد مختلفة .
ب- تطورية : تنمو وتتطور طوال الحياة الإنسان و قد تنقص(تنخفض).
ت- تحويلية :تتحول من حالة إلى أخرى(التفاوض=الكلام+الاستماع+ البرهنة)
ث- غير قابلة للتقويم : يتعذر التحكم فيها بدقة مثلا تذوين معلومات في وضعيات مختلفة.
2- المهارة : انها قدرة مكتسبة من حيث القيام بنشاط ملؤه البراعة والذكاء و السهولة فالمهارة قدرة وصلت إلى درجة الإتقان و التحكم في إنحجاز مهمة .
3- الإنجاز : ما يتمكن الفرد من تحقيقه آنيا من سلوك محدد، وما يستطيع الملاحظ الخارجي أن يسجله بأعلى درجة من الوضوح و الدقة .
خامسا : مميزات الكفاءة
تتميز الكفاءة عن القدرة بخمس مميزات هي :
1- الكفاءة توظيف جملة من الموارد : مكتسبات خبرات، معارف، قدرات، مهارات.
2- الكفاءة ترمي إلى غاية منتهية : أي أن المجتمع ينتظر منتوجا بجملة مواصفات محددة بعد التعلم .
3- الكفاءة مرتبطة دائما بجملة الوضعيات ذات المجال الواحد: كفاءة آداء الصلاة مرتبطة بمجال العبادات فقط
4- الكفاءة غالبا ما تتعلق بالمادة : وهو جوهر اختلافها عن القدرات التي تتصل بمواد تعليمية
5- الكفاءة قابلة للتقييم : حيث يلاحظ شكل الانتاج و نوعية المنتوج أو النتائج المحصلة غير أن القدرة تفتقد لهذين المعيارين .
بالإضافة إلى ذلك لا يمكن أن توجد كفاءات في غياب توفر الموارد اللازمة (قدرات و معارف ) و بعد توفر هذه الموارد يمر تجنيدها و تحويلها بإجراءات ذهنية عالية المستوى يصعب تدريسها كاملة ما دامت من نوع التركيب و التكهن المسبق و الاستراتجية و التخبط و التفكير النظامي .إن إعطاء أهمية حقيقية لتحويل المعارف و تجنيدها يعني :
1- بناء المعارف انطلاقا من إشكالية عوض إستعراض نص المعرفة و سردها..
2- جعل التلاميذ يواجهون مواقف مستحدثة غيرمعروفة ،وتقييم قدراتهم
و السؤال الذي يطرح : فما علاقة الأستاذ بالمعرفة ؟ هنا سوف نتطرق إلى موضوع جد حساس. نتقبل بسهولة فكرة أن مدرسي التعليم الابتدائي لا يتوفرون جميعا على كفاءات دقيقة في كل مادة ملزمة بتدريسها و لاسيما في مادتي العلوم و الرياضيات وهذا يدعو للشك في قدرتهم على تطوير علاقة فعالة بالمعارف لدى تلاميذهم، ذلك لأن علاقتهم بالمعارف التي يدرسونها تبدو ضعيفة من حيث استقلاليتها وجدارتها.
أما فيما يخص أساتذة التعليم الثانوي فالأمر على غير ذلك خصوصا أنهم يتلقون تكوينا جامعيا مكتملا في مادة ما أو عدة مواد وهو ما يفترض أنهم يتمتعون على الأقل بأدنى مستويات التكوين في البحث و من تم فهم قادرون عليه، رغم ذلك
التجريد من فكرة : يكفي أن نكون باحثين حتى يتسنى لنا وضع التلاميذ في حالة بحث .
سادسا: تقويم الكفاءة
قياس و تفسير مكتسبات التلميذ :
يرى (مونتانييه) أن التلميذ المكون خير من تلميذ رأسه محشو بالمعلومات المختلفة و التربية الحديثة تصبو و ترمي إلى هذا النوع من التكوين إبتداءا من المراحل الأولى من التعليم فلمواجهة الحياة في المستقبل يحتاج الفرد إلى كيفية وضع إستراتجية اقتحام هذا المستقبل المجهول و بالتالي فهو يحتاج إلى معارف، لكن ليست المعارف وحدها التي تمكنه من بناء حياته خارج أسوار المدرسة و لذلك فعندما نقيم تلميذ اليوم إنما نقيس مدى توظيفه للمكتسبات و هذا يتجلى أننا نقيم المتعلم دون الخروج عن نطاق ملاحظة عمل يقوم به هذا الأخير مظهرافيه كفاءته المكتسبة و التي لا تعد وفي النهاية أن تكون شكل كفاءة واحدة (تحرير فقرة، كتابة موضوع ، رسم مخطط، عرض شفهي ….)
وتتميز بالتركيز على ثلاثة أهداف :
1- الهدف التشخيص : يحصل في بداية عملية التعليم
- تقويم المكتسبات العقلية .
- تحديد الاستعدادات و الميول و القدرة الذهنية .
- تصنيف المتعلمين.
هدفه : تشخيص الصعوبات
2- الهدف التوجيهي :
- تقويم مستوى التحكم في المستويات.
- يكون فرديا لكل تلميذ.
- التعرف على جوانب الضعف و القوة للتلميذ.
هدفه : علاج الصعوبات .
3- الهدف النهائي :
- يدل على النتيجة النهائية عندما نقوم بتحديد مدى اكتساب التلميذ للمستوى الأدنى من الكفاءات التي تسمح له بالإنتقال إلى الصف الأعلى .
هدفه : قياس الفرق بين الكفاءات المتوخاة و المحققة.
سابعا: وسيلة التقويم
من المعتاد أن يقيم الفرد في عالم الشغل حسب كفاءته، وذلك ليس غريبا عن عالم التدريس و لو من حيث أن إمتحانا أو إختبارا كتابيا/ أو إستجواب شفويا، كلها وضعيات لا يشترط للخروج منها مجرد معارف فقط، وإنما معارف قابلة للتجنيد لتحقيق هذف مناسب في الوقت المناسب، بالشكل المطلوب مع القدرة على إعادة التركيب من جديد بل القدرة على إبتكار ما لا نعرف.و يشترط تطور المدرسة خارج وضعيات التقييم قدرات، بعضها عرضية (كالبحث عن معلومة من المعلومات أو طرح أسئلة ،أو المشاركة في المناقشة) و بعضها يتعلق بمواد التدريس( مثل تصميم نماذج و إنجاز تقارير أو أخذ مقاسات صحيحة و تقديم ملاحظات).
ثامنا : الخاتمة
إن مهنة التدريس من المهن الصعبة لأنها تتطلب إرادة قوية ورغبة طبيعية لممارستها، وإطلاعا واسعا لكثير من العلوم والتكنولوجيات المساعدة ورصيدا من التجارب و الخبرات المكتسبة، وممارسة مستمرة وواعية لما هو قائم ولما هو آت.
فالمقاربة بالكفاءات قادرة على تعميق الفوارق المدرسية إذا كانت سيئة التصور أو رديئة الإعداد والتنفيذ. وحتى إذا كانت جيدة التصور وممتازة الإنجاز فلا يمكنها أن تدعي القضاء عليها بواسطة المنهاج وحده. ومهما كان نوع البرنامج المعتمد فإن بيداغوجيا الفوارق وإفراد المسارات سيظلان من مواضيع الساعة.
فيما يخص هذه النقطة الأخيرة فالصراع قائم ضد إيديولوجيا الموهبة، والمنتظرات النخبوية لفئة من “مستهلكي” المدرسة، والسياسة الرخوية لعدة من الأنظمة التربوية الأكثر إسراعا إلى ادعاء مقاربة الكفاءات منهم إلى دعمها بالأفعال الملموسة ووسائل التكوين والمرفقات الأخرى. إن العراقيل كبيرة، غير أن المقاربة بالكفاءات إن كانت تجدد هذه العراقيل فإنها لا تختلقها من العدم.
إن غموض إصلاحات المناهج وطابعها الاستعجالي وغير المكتمل أكثر إثارة للقلق.فهل الأنظمة التربوية مستعدة للتنازلات في مجال المواد الدراسية؟.هل هي جاهزة للاستثمار بقوة في ممارسات أخرى للتعليم والتعلم؟ جاهزة لمواجهة مقاومة التلاميذ الذين ينجحون وعائلاتهم؟جاهزة لإغضاب الكثير من الأساتذة المتشبتين بالوضع الراهن ايديولوجا،لأنه –في الوقت ذاته- يثبتهم في علاقتهم بالمعرفة وممارستهم البيداغوجة ويرسمهم فيهما.
قد نشك في ذلك، ولكن لو بقيت المقاربة بالكفاءات مجرد”نصف إصلاح” لا يتنازل على أي شيء، ولا يرغم أحدا على أي شيء، فلا يمكن الجزم بأنها ستجعل مكافحة الإخفاق المدرسي تتقدم. إن لم يتغير أي شيء عدا الكلمات، و إن بقينا نعمل تحت غطاء الكفاءات ما كنا نعمله بالأمس تحت غطاء المعرفة، فلم انتظار تقلص حجم الإخفاق المدرسي؟ .
قد تخشى حصول العكس، فالمقاربة بالكفاءات التي لا أثر لها سوى في النصوص الوزارية ، والتي لا يتبناها عدد من الأساتذة، قد تزيد قوانين اللعبة المدرسية غموضا، وشروط الأساتذة تعدادا، بعضهم يتراخى في الإصلاح، و البعض الآخر يدرس ويقيم وفق هواه.
إن المشكل الأساسي يكمن كغالب الأحيان في إيجاد التوازن المفقود بين تناسق الإصلاحات و انسجامها ، وبين طبيعة مكوناتها وتطبيقها بالنظر إلى التطورات المتوازية في عدد من الدول المتقدمة. وقد تخشى أن تسارع الوزارات الوصية إلى ما تحسن صنعه-نصوص ، برامج- وتترك مهمة تطبيقها إلى صدف الخيارات الفردية و المشاريع المدرسية.