"استقلالية القضاة قبل الحديث عن عصرنة العدالة"
تحولت الجلسة التي تم تخصيصها لطرح أسئلة على وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، بخصوص مشروع القانون المتعلق بعصرنة العدالة، إلى جلسة محاكمة للوزير حول ظروف القطاع، وأهمية إصلاحه وضمان استقلاليته قبل التوجه إلى الحديث عن عصرنة العدالة.
وانحصرت أسئلة النواب حول مصير قضايا الفساد والمتورطين فيها، وجاء ذكر وزير الطاقة والمناجم سابقا شكيب خليل في تدخلات النواب، متسائلين عن الجدوى من الحديث عن عصرنة العدالة في وقت لم يفلح مجلس القضاء في تصحيح خطأ في مذكرة توقيف، وتساءل النائب محفوظ عبدي عن تكتل الجزائر الخضراء، عن حق المواطن في معرفة الحقائق وحق الصحافة في الوصول إلى المعلومات المتعلقة بقضايا الفساد، وقال إنه لا يمكن الحديث عن عصرنة القطاع ما لم تعط الاستقلالية الكاملة للقضاء، وذكر في السياق المصير المجهول لقضايا الفساد والنهب والاختلاس، وسياسة اللاعقاب التي جعلت المجرمين يتجولون في كل مرة يستفيدون فيها من تدابير العفو، واقترح النائب تطبيق الشريعة الإسلامية في حق كل من يتجاوز القانون من خلال قطع يد السارق وتطبيق القصاص في قضايا القتل.
أما النائب عبد الغني بودبور فقد شكك في قانون المشروع المطروح للنقاش، وقال إنه مستورد من المملكة العربية السعودية، وإنه قانون يشوبه اللاتجانس كما أنه قانون غير ذي جدوى، كون إحالته القانونية غير دستورية، واعتبر إدراج مواده في قوانين الإجراءات المدنية، الجزائية أو الإدارية كان ليكفي دون الحاجة إلى تخصيص مشروع قانون مستقل، معتبرا مشروع القانون استعراضيا، قبل أن يعود إلى التذكير بحال عمال القطاع الذي قال إنهم يعانون من اللاعدل، مستشهدا بعمليات الفصل التي تعرض لها كتاب الضبط بعد أن لجؤوا إلى الإضراب للمطالبة بحقوقهم.
من جانبه، اعتبر النائب عن التكتل الأخضر ناصر حمدادوش، وجود عضو من الجهاز التنفيذي ممثلا في شخص وزير العدل، ضمن أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، دليلا قاطعا على عدم استقلالية القضاء، وأبرز أن استقلالية القضاء لن تكون إلا بتعديل حقيقي للدستور يفصل بين السلطات، واستفسر النائب في السياق عن مصير الأموال التي تصرف في جهاز العدالة في وقت يعاني المجتمع من اللاعدالة، وذكر إحصاء 7 آلاف ملف فساد لم يفصل فيها بعد، من دون الحديث عن القضايا الموجودة على مستوى المحكمة العليا في إطار الطعن بالنقض، فيما انتقد النائب عن جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف النظام القضائي الحالي الذي قال إنه صورة طبق الأصل للنظام الفرنسي الذي قال إنه يتعرض للانتقاد، وأشار إلى أن ما جاء به مشروع القانون المطروح للنقاش مهم، غير أنه من الضروري حسبه أن يكون القطاع مستقلا في الجانب المالي والإداري والقضائي وتسير الموظفين في قطاع العدالة بواسطة نظام خاص لتجنيبهم معاناة الوظيف العمومي، مشددا على أن استقلالية قطاع العدالة هو ركيزة أساسية في سبيل إرساء ركائز الديمقراطية الحقة ودعائم دولة القانون وهو ما يتطلب استقلالية القاضي.
من جهته، أوضح وزير العدل في عرضه لمشروع القانون، أن المشروع يمثل "السند القانوني الذي يضع الإطار العام لضبط كيفية استخدام وسائل التكنولوجيا والاتصال الحديثة ولإضفاء الشرعية اللازمة لاستعمال الدعائم الإلكترونية"، وأنه يهدف إلى "إحداث منظومة معلوماتية مركزية لوزارة العدل تسمح بالقيام بالإشهاد على صحة الوثائق الإلكترونية وإرسال وتبادل الوثائق عبر هذه الطرق، وكذا استعمال تقنية المحادثة المرئية عن بعد، في الإجراءات القضائية والمحاكمة".
ويحدد المشروع الإجراءات الواجب اتخاذها بهدف الاستغناء النهائي عن الدعائم الورقية في الإجراءات وكذا الشروط الواجب توفرها في كل من وسيلة التصديق الإلكتروني، والأحكام الجزائية الخاصة بإساءة استعمال العناصر الشخصية المتصلة بإنشاء توقيع إلكتروني يتعلق بشخص آخر أو وصل استعمال شهادة إلكترونية انتهت صلاحيتها، حيث يتعرض صاحبها للحبس من سنة إلى 5 سنوات وغرامة بين 100 ألف و500 ألف دينار لكل شخص حائز على شهادة إلكترونية يواصل استعمالها رغم علمه بانتهاء مدة صلاحيتها أو إلغائها.